تعتبر القرابة
من أهم المواضيع في الأنثروبولوجيا التي درج الأنثروبولوجيين وعلماء
الاجتماع على دراستها، وهذا بالنظر إلى أهمية هذا النظام الاجتماعي (نظام
القرابة)، حيث أنه نظام مهم في تنظيم المجتمع سواء أكان مجتمع بدائي أو مجتمع
متحضر، ومن أبرز علماء الانثروبولوجيا الذين درسوا نظام القرابة نجد "مالينوفسكي"،
و"راد كليف براون"، و"كلود ليفي ستراوس".
1-مفهوم القرابة أنثروبولوجيا
تعتبر القرابة كمبدأ لتحليل العلاقات
الاجتماعية، وهي في حد
ذاتها جهاز اديولوجي أي هي وسيلة للسيطرة أو العنف العائلي الرمزي، والقرابة تحدد
المصطلحات القرابية الموجودة في إطار هذا النظام، حيث ""يرجع موضوع
القرابة إلى المجتمعات البدائية في تأصيل (المجتمعات البدائية )، الاهتمام الجوهري
بالقرابة إلى جانب تلك المحاولات السوسويولوجية لرؤية المجتمع بوصفه وحدة كلية لا
يمكن أن نتجاهل معها الوحدات الزواجية و الأسرية و هو ما يجعل من الضروري توجيه
الاهتمام نحو الجماعات القرابية، كالاهتمام بالجامعات الاقتصادية و السياسية و ما
هو معروف أن العلاقات القرابية تعطي نوعا من الانتظام و القدرة على التنبؤ
بالإضافة إلى أن الجماعات القرابية تخلق روابط اجتماعية،ونوعا من التكامل في
المجتمع"2
ويعرف بعض العلماء القرابة والجماعات القرابية
على أنها" مجموعة علاقات اجتماعية بحتة و محددة،و هذه العلاقات آخذة نمطا
دينيا ، آو قانونيا، آو أخلاقيا، فمثلا العالم ً فيستر كولونج ً بعد تحليله
للقرابة في المجتمعات الإغريقية،و الرومانية توصل إلى أن الدين هو العامل الأساسي
في تحديد مفهوم القرابة في هذه المجتمعات، فالقرابة تعبّر بحق عن مفهوم الترتيب أي
تشير إلى الأب،والأم، والإخوة،و غير ذلك، أي أنها لا تشير إلى شخص
واحد لكن لكل أفراد العائلة بحيث تشكل نسق قرابيا تكون فيه شبكة قرابية معقدة من
الواجبات و الحقوق مرتبطة بعلاقات اجتماعية وهمية"2
فالعلاقات
القرابية تحدد الجماعات القرابية بين الجماعات القرابية القربية والجماعات
القرابية البعيدة، أو الجماعات القرابية من الدرجة الأولى والجماعات القرابية من
الدرجة الثانية.
كما تعرف القرابة على أنها" القرابة هي
مجموعة صلات رحمية و روابط نسبية تربط الأفراد بوشائج عضوية، واجتماعية متماسكة
تلزمهم بتنفيذ التزامات،و مسؤوليات،وواجبات تفيد أبناء الرحم الواحد أو النسب
الواحد."3
وهذه الصلات والترابطات القرابية تحدد أنماط
القرابة وأنواعها ودرجاتها، وتحدد المصطلحات القرابية في كل درجة قرابية.
2- أنواع القرابة
والقرابة
أنواع عديدة وتصنيفات عديدة والتي تتحدد بسبب طبيعة هذه العلاقة القرابية في حد
ذاتها ومن أهم أنواع القرابة : القرابة الدموية وهي""...أن قرابة الدم
هي التي تكون بين الأشخاص الذين ينتسبون إلى نفس السلف سواء كان هذا السلف ذكرا أو
أنثى، وفي القرابة الدموية نميز القرابة الأولية والقرابة الثانوية، فالقرابة
الأولية هي العلاقة التي تربط الوالدين بالأنباء أو تلك بين الأم والأب والأخ،
بينما القرابة الثانوية هي تلك العلاقة الدموية التي تشخص من خلال الجد المشترك،
فالمنحدرون من سلف أو جد مشترك هم أعضاء الجماعات الدموية، فانتماء الفرد لأبويه
يخوله أن يكون عضوا في جماعتين دمويتين"4
1.2 قرابة دموية
والقرابة
الدموية هي قرابة ثابتة ومن أشخاص بيننا وبينهم رابطة الدم وهم: أخ أخت ، أبوين،
...فالرابطة الدموية هي أساس تجسيد هذا النمط القرابي .
أما النوع الثاني
للقرابة فهي القرابية الاجتماعية، إذ"تعد القرابة الاجتماعية من العلاقات
القرابية غير الحقيقية وهي علاقات من وضع المجتمع بحكم النظم الثقافية القرابية
التي تبنى عليها التزامات مماثلة لتلك التي تبنى على روابط الدم في بعض المجتمعات،
فقد يطلق على شخص كلمة أب دون أن يكون أبا حقيقيا ودون أن يكون له الحق في الاتصال
بالأم، وإنما المسألة تعلق بالتقاليد والآداب العامة، فقد يطلق الفرد لفظ أب على
الأفراد الذين هم في سن أبه من الأعمام أو غيرهم، ولفظ يا خال على أقارب الأم، ويا
عم فلان من الكبار دون وجود قرابة حقيقية"5
فالقرابة
الاجتماعية تتشكل عن طريق الارتباط بالمجتمع الواحد والأخذ بعاداته وتقاليده
وأعرافه.
2.2 قرابة بالمصاهرة
النوع الأخر
من القرابة يسمى القرابة بالمصاهرة وهي"" هي العلاقة التي تربط بين
الزوج، والزوجة و تربطهما بالحماة والحمى و زوجة الأخ أو زوج الأخت، و كذلك إخوة
الزوج و الزوجة و غيرهم من الأشخاص
المرتبطين معها بروابط المصاهرة.القرابة بالنسب : فهي تلك التي تربط بين أشخاص
معروفين اجتماعيا بروابطهم البيولوجية مثل : الأب، الأم، الأبناء،الأجداد،
الأحفاد، الأخوال، الأعمام وأبناء الأعمام ( بني العم ) وهم أقارب بالعصب سواء من خلال الانحدار الأبوي،أو الأموي"6
فالقرابة بالمصاهرة تنتج عن طريق رابطة
الزواج مما يجعل عائلتين مرتبطين مع بعضهم البعض.
3.2 قرابة طقوسية
والقرابة
الطقوسية هي"" وتعتبر نموذجا للأساليب المختلفة التي يستطيع الفرد من
خلالها توسيع شبكة علاقاته الشخصية عن طريق توسيع علاقاته القرابية لتشمل أشخاصا
ليسوا أقارب له، فمثلا علاقات الكومبادرازاجو باسبانيا والتي تقوم بين الآباء
الحقيقيين وهي قرابة العماد في الديانة الكاثوليكية المعاصرة وهي متواجدة في
مجتمعات غرب أوربا والولايات المتحدة في إطلاق أسماء الأعراب على الأطفال الجدد
وتطور مثل هذه العلاقات بكثرة في جنوب إيطاليا خاصة"7
وهذا النمط من القرابة يتشكل من خلال
الارتباط الديني والإرتباط بنفس الطقوس الدينية مثل الارتباط بالدين الإسلامي وبكل
ما فيه من طقوس وعبادات.
في الختام نصل إلى أن القرابة هي نسق من
الأنساق الاجتماعية،و هذا النسق يضم مجموعة من العلاقات الاجتماعية و بمعنى اصح
علاقات أسرية، أو عائلية سواء هذه العلاقات دموية: اي من نسب واحد، أو بالمصاهرة .
وأن أنماط القرابة وأنواعها عديدة منها:
القرابة الدموية، والقرابة الاجتماعية والقرابة بالمصاهرة والقرابة الطقوسية،...
ومما يجب أن ندركه أن كل منا يرتبط مع كل هذه الأنواع القرابية أو الجماعات
القرابية ، فنكون وننتمي إلى جماعة قرابية عن طريق رابطة الدم، ومع أفراد مجتمعنا
بيننا قرابة اجتماعية ، وعلى النسق الثقافي الديني لدينا قرابة طقوسية وعلى مستوى
الأصهار لدينا قرابة بالمصاهرة ناتجة عن تحقق رابطة الزواج.
من تأليف الدكتورة: شابي أمينة
قائمة المراجع:
- فاتن محمد شريف:الثقافة والمجتمع البدوي،دار
الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الاسكندرية، 2006،ص28
- الفضيل رتيمي،البناء
الاجتماعي،المؤسسة الوطنية للكتاب ، 1992،ص36
- معن خليل
عمر،علم اجتماع الاسرة،دار الشروق للنشر والتوزيع،القاهرة 2000 ،ص148
- بن
سلطان سهيلة، العلاقات القرابية داخل المجتمع الحضري، (ماجستير)، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية،
قسم علم الاجتماع، جامعة عبد الحميد بن باديس، مستغانم، 2013/2014، ص33
- نبيل محمد
توفيق السمالوطي، الدين والبناء العائلي، دار الشروق للنشر والتوزيع، جدة1981، ص
ص112،113,
- فاتن
محمد شريف، مرجع سابق،ص28
- علياء شكري،الاتجاهات المعاصرة في دراسة الأسرة، دار
المعرفة الجامعبة، الاسكندرية، 1996، ص
ص83،84،
تعليقات
إرسال تعليق