 |
| منهج ناتنوغرافي في الأنثروبولوجيا |
ماهو المنهج الناتنوغرافي؟
يعتبر المنهج
الناتنوغرافي حسب العديد من الباحثين الركيزة الأنجع في تحليل شبكات الفضاء
الإفتراضي وذلك من الناحية المتعلقة بتأثيراتها النفسية والإجتماعية وقد يعود ذلك إلى
ميزة هذا الأخير الفائقة في تجاوز الصعوبات المتعلقة بالسلامة الإحصائية التي
تتبناها المناهج الوضعية وتعتمد عليها البحوث الإستنباطية والتي تصر عليها بحوث
الإعلام التقليدية في الغالب، تجدر الإشارة إلى أن هذا المنهج يعمل على الوصول إلى
إستنتاجات كيفية لظاهرة شبكات الفضاء الإفتراضي ولا يولي أهمية كبيرة للبيانات
الكمية وبفضل نجاعته في تحليل هذه الأبنية الإفتراضية. تم إستحداث تسميات له في
تعامله مع الوسائط الجديدة حيث أطلق عليه "روبرت كوزينيتز" على القرب من
الظاهرة من خلال مشاركة الباحث فيها حيث تتم الإستعانة بمفهوم الحقل كما هو معتاد
في البحوث الإثنوغرافية التقليدية ويؤكد على أن الفضاء الإفتراضي وتفاعلاته يعد
حقلا صالحا للدراسة بامتياز وهو ما سماه من منطلقه "التجذر الإلكتروني" وفي
ذات الحين سمته الباحثة "كرستين هاين" بالإثنوغرافيا الإفتراضية واصفة إياه
بالمنهج الذي يقوم على الإنخراط في المجتمعات الإفتراضية من خلال محاولة ملاحظة مختلف
التفاعلات والأنشطة الإفتراضية التي تتم داخله 1.
المفهوم الإصطلاحي للمنهج الناتنوغرافي في الأنثروبولوجيا
من الناحية
الإصطلاحية فقد تعددت واختلفت التسميات التي تطلق على هذا المنهج فهناك من يطلق
عليه الإثنوغرافيا الرقميةDegital
Ethnography ، الإثنوغرافيا الإفتراضية Virtual Ethnography، وأبتكر هذا المنهج لدراسة سلوك المجتمع الإفتراضي وثقافتهم
وأعمالهم وتفاعلاتهم داخل الفضاء الإفتراضي وذلك من خلال الملاحظة بالمشاركة التي تتميز بها الأنثروبولوجيا، بمعنى مشاركة المجتمع الإفتراضي مجمل تفاعلاتهم وسلوكياتهم وإجراء مقابلات
إفتراضية يتم من خلالها الوصول إلى وصف وتحليل الظاهرة المدروسة والخروج بنتائج
كيفية.
وظائف المنهج الناتنوغرافي في الأنثروبولوجيا
يهدف البحث الناتنوغرافي في أساسه لدراسة المعاني الرمزية وأنماط تفاعل المجتمع الإفتراضي وطرق إستهلاكهم للمضامين الثقافية في سياقات إجتماعية لهذه الفئة أو المجتمع ، كذلك فهم المركبات الثقافية المتشكلة في سياق هذا الفضاء فالناتنوغرافيا هي آلة منهجية للبحث في التفاعلات الإفتراضية وما ينجر عنها من ثقافات وأطر معيارية وممارسات إجتماعية ورمزية وأساليب ضبط السلوك والروابط الاجتماعية الإفتراضية عن طريق الملاحظة بالمشاركة.2
فالغرض من إستخدام المنهج الناتنوغرافي في الدراسات الأنثروبولوجية، هو نفس الغرض من إستخدام المنهج الإثنوغرافي؛ والذي يتلخص بدوره في إنغماس وتوغل الباحث في عمق المجتمع المدروس وثقافته ومشاركته كل ما يقوم به المبحوث من أجل فهم المعنى من هذه الممارسات وفق المعنى الذي يراه المبحوث، وعلى هذا الأساس ظهر بوضوح قصور الأساليب والمناهج التقليدية في دراسة المجتمع الإفتراضي مما دفع بالباحثين إلى رحلة بحث إبستيمية عن مناهج قادرة على إستنطاق واقع هذا المجتمع، وكان المنهج الناتنوغرافي المنهج الأنجع لمثل هكذا مواضيع من منطلق تداخل العلوم مع بعضها والتعددية المنهجية -باعتبار أن المنهج الناتنوغرافي أول ما ظهر في الدراسات الإعلامية والإتصالية-.
ومن جهة أخرى فالدارس أو العارف بموضوع ومناهج الأنثروبولوجيا التي تدرس الإنسان من كل جوانبه بوصفه كائن فيزيقي يعيش وسط جماعة و له ثقافته الخاصة، بمعنى أن كل ما يتصل بالإنسان فهو موضوع قابل للدراسة الأنثروبولوجية على أن يكون الإختلاف في المقاربة والمناهج الدراسة لمختلف المواضيع، وبالربط مع المجتمع الإفتراضي حديث الظهور بات إلزاما على الأنثروبولوجيا إستحداث مناهج قادرة على التوغل في هذا المجتمع وإستقاء بيانات تفيد في فهم هذا المجتمع بكل تجلياته ومظاهره السوسيوثقافية. وبات المنهج الإثنوغرافي من المناهج الضرورية للباحث الأنثروبولوجي الدارس للمواضيع المرتبطة بالمجتمع الإفتراضي.
هذا المنهج "الناتنوغرافي" ساعد الباحث
الأنثروبولوجي "في الإجابة عن سؤال جريء فحواه: ما معنى أن يكون المرء إنسانا
في العصر الرقمي ؟ وذلك من خلال تحليل الكيفية التي يتفاعل فيها الناس مع العوالم
الرقمية ( أجهزة إختراعات برامج تطبيقات) والكيفية التي يتغير فيها السلوك البشري
مع الوقت تحت تأثير التطور التكنولوجي والعولمة والعوالم المشابهة، والكيفية التي
تتجذر بها السلوكيات الجديدة التي تتشكل وتصبح مألوفة بسرعة بحيث تصبح القاعد
وتصبح السلوكيات القديمة متخلفة وغريبة... يحاول علماء الأنثروبولوجيا الرقمية
دراسة العلاقة بين ثقافة الإنسان وتقنيات العصر الرقمي من جهة أخرى أي الكيفية
التي تشكل بها التقنيات الرقمية ثقافة الإنسان"3. وهنا نكون قد دخلنا في تخصص
حديث يصنف من فروع الأنثروبولوجيا الحديثة وهو الأنثروبولوجيا الرقمية، لما له من
تلامس معرفي ونظري مع المنهج الناتنوغرافي من حيث الأهداف التي يعمل على تحقيقها كل
منهما بل لا يمكن دراسة أي موضوع من خلال مقاربة أنثروبولوجيا الرقمية دون
الإعتماد على المنهج الناتنوغرافي.
الكاتب: د. رمزي فارح - د. سميرة مشري
قائمة المراجع
1. ناريمان حفيان، الطاهر بصيص، إستخدامات النتنوغرافي في دراسات الفضاءات الإتصالية،
الإشكالات المنهجية والبدائل المتوفرة للباحثين، مجلة دراسات وأبحاث في العلوم
الإنسانية والإجتماعية، مجلد13، العدد2، 2021
2. فارس شاشة، خولة
مرزم، دور شبكة التويتر في تشكيل الرأي العام: دراسة نتنوغرافية لتغطية حساب
التويتر قناة رفانس 24 للإنتخابات الجزائرية، مجلة الإتصال والصحافة، المجلد9،
العدد1، 2021.
3 . مبروك بوطقوقة ،
الأنثروبلوجيات الرقمية: الإنسان في عصر الثورة الرابعة، مجلة التقدم العلمي،
مؤسسة الكويتللتقدم العلمي، الكويت، العدد113.
شكرا على المجهودات المبذولة ،من أجل تحقيق خدمت العلم والمعرفة ،واثراء الدراسات الانثروبولوجية...
ردحذفشكرا على تشجيعكم بالتوفيق
حذف