القائمة الرئيسية

الصفحات

ما هو الفرق بين التطور الثقافي والتغير الثقافي في الأنثروبولوجيا؟؟

 توظيف التطور الثقافي والتغير الثقافي في الأنثروبولوجيا

الموضوع الذي يطرح هو حول التغير الثقافي والتطور الثقافي كمفهومين يعتمدان ويوظفان في الانثروبولوجيا مثلا، فطريقة توظيفهما في هذا التخصص تكون وفقا للتراث الفكري فيه (ما لم يظهر تعريف حديث مبرر معرفيا لهما طبعا، أو طويع او محاكاة لهما) كون التغير والتطور قد يعتمدان في تخصصات أخرى بشكل آخر.

1. مفهوم التطور الثقافي في الأنثروبولوجيا

من خلال هذه المقدمة البسيطة وحسب تحليلي الشخصي طبعا، فإن التطور الثقافي مر في توظيفه بمرحلتين:

1.1. المرحلة الأولى: النظرية التطورية

حيث اعتمد التطور الثقافي كانتقال خطي من حالة لحالة أخرى طويلة نسبيا ولها أسبابها وعواملها ومؤشراتها، لكن ما يجب الانتباه إليه في التطور الثقافي في مرحلته الأولى هي مسألة الأصل والانتقال الخطي من حالة لأخرى دون العودة للخلف، بمعنى ثاني عند محاولتك كباحث توظيف التطور الثقافي في تحليلك لثقافة مجتمع معينا ووفقا للمقاربة التطورية فأنت ملزم أن تظهر لنا الأصل الأول لذلك العنصر الثقافي المدروس، فدون إبراز الأصل الأول لا يمكنك أن تتبع عملية تطوره، (عندما نقول أن الدين تطور في ثقافة أو مجتمع معين, أنت ملزم أن تظهر لنا الشكل الأول للدين في ذلك المجتمع كيف كان) لهذا نجد تايلور مثلا يحاول أن يوضح لنا الاصول الاولى للدين الذي بدأ من الحلم، أو ما طرحه فريزر عن الشكل الأول للفكر الانساني المعتمد على السحر أو مورغان في تقسيمه لمراحل تطور المجتمعات الإنسانية. فكل منهم ركز على مؤشرات معينة لهذا التطور لكن الأكيد والثابت هو إظهار الشكل الاولى أو الأصل ( لهذا نجدهم يعمدون لاعطاء تصورات نظرية غير مثبتة للشكل الاول لصعوبة الوصول إليه، لكن يمكن ان نعزو ذلك باجبار هذا المفهوم لهم بإيجاد أي وسيلة لتوضيح الأصل، إضافة لعامل ايديولوجي بإظهار تفوق وتطور الغرب)، ثم العامل الثاني وهو الانتقال الخطي أن أي شكل إذا انتقل من حالة لحالة أخرى فلن يعود لحالته السابقة لكن قد يحتفظ بأجزاء منه كرواسب أو بقايا لها وظيفتها.

1.2. المرحلة الثانية: النظرية التطورية الحديثة

ثم المرحلة الثانية من هذا المفهوم والتي ظهرت مع التطورية الجديدة أين تم التركيز على أسباب التطور الثقافي المعنى بالنمو والإرتقاء، وليس بالتقدم (فهناك فرق في المعنى بين النمو والتقدم)، مثلما ذهب إليه ليزلي هوايت، في هذه المرحلة فإن التطور الثقافي هو عملية نمو وارتقاء قد تشهدها ثقافة بأكملها او عناصر منها بفعل الطاقة والتي قد تصدر من البيئة مثلا أو زبادة الطاقة التي تؤدي الى التنوع الثقافي أو الارتقاء مثلما ذهب إليه سالينز أن التطور الثقافي يرادف الارتقاء أي أن الأشكال الأعلى تنمو من الأشكال الأدنى وتقضى عليها، محاكاة للنموذج الدارويني المحدد للانتخاب الطبيعي.
فعلى العكس من التوظيف الاول للمفهوم فان المرحلة الثانية يمكن أن نقول قد ركزت في جوهرها على النمو والارتقاء والتي أقصد بها هنا الوفرة والتعقيد، ( أي عند تحليلك كباحث لثقافة ما أو عنصر ثقافي ما يجب إبراز مصدر وطريقة استخدام الطاقة للانتقال من شكل بسيط الى شكل أعقد منه، كنظام الإنتاج الذي كان بسيطا يعتمد على اداوت بسيطة وينتج لنا كميات قليلة، لكن مع التطور الثقافي وزيادة الطاقات واستخدام التكنولوجيات ارتقى نظام الانتاج لمرحلة اكثر تعقيدا شهدت نموا ووفرة وتنوعا في المحصول وكميته ونوعيته وحتى تنوع أنظمة الانتاج نفسها).
اذا يمكن القول أن التطور الثقافي هو انتقال خطي من مرحلة لأخرى طويلة نسبيا مع ابراز الأصل، أو هو ارتقاء ونمو من حالة لأخرى أكثر تعقيدا لاسباب معينة.

2. مفهوم التغير الثقافي في الأنثروبولوجيا

التغير الثقافي وهو نفسه اختلف فيه بين أن يكون تحولا جزئيا يشمل بعض السمات او العناصر الثقافية في ثقافة معينة، أو أن يكون شاملا لكل عناصر الثقافة، لكن على العموم التغير الثقافي هو تلك المتغيرات التي تطرأ على عنصر ثقافي معين قد يكون خلال فترة زمينة قصيرة طارئة أو طويلة، قد تكون بفعل فاعل خارجي أو عن طريق إبداع ثقافي جواني، او بسبب احتكاك ثقافي...الخ، أي أن التغير الثقافي متعدد العوامل ومتغير المدة الزمنية، ولا يركز على الأحكام القيمية، حيث أن القيم نفسها تتغير (قد تظهر لكنها ليست جوهره) مثلما قد يظهر في التطور الثقافي الذي يركز كثيرا على ما قد يبدو بالتحسن او تفضيل حالة على حالة.
قد يبدو في تعريفات البعض أن التغير الثقافي شامل للتطور الثقافي بعد مدة طويلة من المتغيرات الجزئية التي تطرأ على سمات وعناصر ثقافية معينة بشكل جزئي كمثال( أن نقول حدث تغير ثقافي على الغناء أو اللباس، والذي قد يكون فيه اللباس محافظا على شكله العام لكن تتغير فيه بعض السمات كالسروال الذي كان بلون واحد لكل اجزائه وواسعا مثلا ليتغير لسروال فيه الواسع والضيق، سروال بلون واحد وأحد فيه تدرج في الالوان ثم تقطعات ثم تمزقات، ويكون متعدد الاسباب التي أدت لهذا التغير، ويرافقه تغير غير مادي في الأفكار و التصورات التي تنظر لهذا السروال..الخ. لكن من الصعب القول أن هذه الحالة النهائية للسروال هي دلالة على التقدم أو التخلف كونه ظهر عند كل فئات المجتمع الواحد وفي مختلف طبقاته. وهو نفس ما قد يقال مثلا على تغير يصيب طبق معين من الطعام كالكسكس منه ما يطبخ في ثقافة واحدة بالحليب أو باللحم أو بالدجاج، اللحم المجفف...الخ، وحتى تغيرت حجم حبة الكسكس أيضا وتنوعت، لكن كل انواع هذا التغير من الكسكس لا تبرز أي منها هو الجيد وآخر سيء)، بل تعتمد على الذوق الشخصي أو بتقبل الثقافة له كونه قد يضيف لها ما يحسن من منظومتها.
ما يمكن قوله أن التغير الثقافي يطرأ على ثقافة معينة قد يصيب كل عناصر أو جزء منها بشكل كلي أو نسبي، وقد تتعدد أسبابه وتتغير فترته الزمنية، قد يكون دلالة على تقدم أو تحسن كما قد يعني تغيرا في الاذواق أو سببا لمصلحة داخل المجتمع فتقبل أفراده هذا التغير
اذا هناك اختلاف واضح بينهما في عديد المواضع، ويجب على الباحث أن ينتبه في توظيفه للمفاهيم وحتى أن يكون دقيقا في ذلك
أنت الان في اول موضوع

تعليقات