التصور والمفهوم
يجد العديد من الباحثين صعوبة في بناء عنوان واضح لموضوع الدراسة ما ينجر عنه صعوبة في بناء اشكالية بحث واضحة لمواضيعهم، ولا يكاد يتمكن من حصر العلاقة بين متغيرات بحثه لطرح تساؤل اشكالية واضح ومتين، ويعود سبب ذلك لعدم قدرة الباحث في الانتقال من التصور للمفهوم، أي من الفكرة التي تجول في ذهنه ولاحظها في واقعه ثم نقلها لمستوى العلمية والدقة، ليصبح بذلك يبحث علميا في متغيرات الموضوع ويستشكل العلاقة الموجودة بينها. اذا كيف يؤثر التصور والمفهوم في تصويب الموضوع؟
ماهو التصور:
حسب بول باسكون فإن التصور هو ما ينشأ من التمثلات والافكار والاحاديث اليومية العادية أو استعمال المصطلحات الدعائية والسياسية والادارية في عنوان البحث ما يزيد حيرة وتشتت الباحث أثناء محاولة معالجة هذا الموضوع انطلاقا من عنوان هو في جوهره خاطئ في عملية بنائه.
بالتالي حسب "باسكون" لتفادي استخدام التصور في العنوان او بناء اشكالية بالاعتماد عليه يقتضي الأمر من الباحث تعميقه اي بنقله من مستواه العادي الشعبي والعام إلى مستوى المفهوم الذي يحدد خصائص التصور، ويقدم انعكاسا دقيق لواقع معقد، يتخلص فيه الباحث من الاحكام المغلوطة والتوجهات الخاطئة والاوهام الذاتية التي ترافق التصور .
وقد قدم بول باكسون مثالا عن ذلك، وهو كالآتي :
. هناك فقراء وهناك أغنياء: فكرة عامة
. هناك اختلاف في توزيع المداخيل: تصور
. التدرج وعدم التساوي في الدخل: مفهوم وهو مايجب ان يكون في متغيرات الموضوع ليعالج بعدها اجرائيا وباستخدام المناهج العلمية المختلفة.
مثال اخر ايضا
. هناك الكثير من الفلاحين بدون اراضي وهناك فلاحين باراضي كثيرة: فكرة عامة
ينقلها الباحث بعدها لتصور: ليس هناك توزيع متساوي للأرض
بعدها ينتقل هذا التصور لمفهوم يمكن البحث فيه، هكذا: التمركزالعقاري
اذا كلما أجاد الباحث الانتقال من التصور للمفهوم، وكلما أجاد صياغة المفاهيم المناسبة التي تعكس الواقع وتحيط بالافكار العامة التي يلاحظها الباحث، كلما استطاع بناء اشكالية بحث متينة وتمكن من طرح تساؤلات دقيقة وواضحة، وكلما تمكن من معالجتها ميدانيا دون تشتت منه او حشو أو خروج عن حدود الموضوع
من كتابة د. رفيق بلعيدي
تعليقات
إرسال تعليق